رؤووف المديــر العام
الهواية : المهنة : المزاج : الدولة : عدد المساهمات : 1980 تاريخ التسجيل : 27/06/2010 العمر : 37
| موضوع: يا راحلة من غير وداع الإثنين يوليو 04, 2011 7:18 pm | |
|
يا راحلة من غير وداع الكاتب مدير المجلة. 0مسعود ديلمي*أكتب لك يا عائشة رغم أني أعرف أنك لن تقرأي هذه الكلمات بعد ما خطفك الموت منا بغتة بأيدي غادرة ومجرمة، أعرف أن الموت إذا حضر لن يستأذن أحدا ولكنه لن يستثني مخلوقا، لكن موت الغدر في حقك فواجع لا تحتمل . فماذا أقول بعد هذا المصاب الجلل؟ و أنا في هذه الغربة أتحسس فيها مثل غيري أخبار حسنة من الوطن الذي نراه بعيون أخرى و إذا بي يصلني خبر نعيك فلم أصدق أنك رَحلتي عنا دون رجعة ودون وداع. آه لو عرف قاتلوك من أي طينة أنت في لطفك، و في تواضعك، في جديتك، وفي جودك و كرمك . كانوا يريدون سرقة المال والأسوار، وغاب عنهم أنك أستاذة ولست مليونيرة، ولا يعرفون أن الأستاذ في وطني هو آخر من يملك المال الزائد، يعيش الكفاف والعفاف، ورصيده كتبه وقلمه.
كل من وصله خبر نعيك هو مُتحسر ومُنكر، و آخر مُحبط ومكسور الخاطر، و آخر مُتفلسف وحائر كيف و بأي ذنب قتلت؟ و أكثرهم يتساءلون: يا الله إلى أين ذاهب هذا الوطن الذي أصبح مرتعا للمفسدين؟ حرموا فيه الناس حتى حق الموت بكرامة و برحمة ، وطن لا أحد فيه آمن، فيقتل فيه الأستاذ صاحب العلم على يد المجرمين و الحشاشين بعد ما أهانته السلطة وآساه الواقع البائس الذي يحيا فيه . هذه جزائر العزة والكرامة التي وعدونا بها. رحيلك بتلك الطريقة أثار فينا أحاسيس و ذكريات رعب دفين من عشرية التسعينيات كنا صدقنا أنّنا تجاوزناه و نسيناه إلى الأبد، مأساة رحيل نخبة من أصحاب الفكر، ونساء و رجال من أهل الإعلام وخدام الفن والثقافة، و أصدقاء وأقرباء فقدناهم. رحلتي عنا والتحقتي بهم و بجوار ربك وأنت في قمة العطاء العلمي، فأصبح طلبتك يتامى، و أسرة البحث التاريخي مكلومة، و العائلة الثقافية مصدومة.لن أنسى وقفتك معي يوم مناقشة رسالتي لنيل الماجستير فكنت أنت العائلة والأخت الكبرى التي تفرح بأخيها الصغير فجلبتي الإكراميات و جعلت تلك الساعة حفلا و أنا لم أعلم بذلك إلا في آخر لحظة، و في أيامها كنت سابحا في بحر الأحزان بعد ما فقدت أعز مخلوق عندي ، والدتي التي كانت تردد دائما : "يا سعدك يا فاعل الخير" و تدعو لي : "الله يجعل في طريقك دائما أهل الخير و الناس الطيبين" ، فكنت واحدة من هؤلاء النادرين. كنت كلما زرت باريس تأتين محملة بعبق البلد تمرا و حلوى جزائرية أصيلة ، و ما زالت أذكر حديثنا في زيارتك الأخيرة حول مدينتنا وتحولاتها ، عن مشاكل الجامعة و ما يعيق البحث العلمي في بلاد أصبح الباحث فيها لا صوت له ، فيما صارت الكلمة لأصحاب المال و أنصاف المتعلمين ، و عن مشاريع بحثية مستقبلية ، وعن النور الذي يسكن قلبك و كنت تريدين أن تقاسميه مع طلابك . عندما زرت الأهل قبل شهرين- شاءت الأقدار أن ألتقي بالأحبة جميعا في حفل زفاف عائلي، و في قاعة الحفلات بالذات التي شيدتها عائلتك ، خذلني الحظ و لم أسعد بلقياك لأنك كنت في العاصمة ، هذه المدينة التي أصبحت تعطينا انطباعا أنها تصد وجهها عن زائريها تزجر و لا ترحب ، فبقيت في منطقتنا الريفية إلى اليوم الذي عدت فيه إلى باريس آسفا لعدم رؤية الأصدقاءكل من عرفك يشهد أنك كنت المرأة الطيبة الجادة ، والطموحة المتحدية التي شقت طريقها من أجل العلم في مجتمع ذكوري ظل يضايق المرأة في مشوارها بأن تأخذ مكانتها الطبيعية فيه ، فنمي هانئة أيتها الأخت الكريمة ، لقد كوّنت أجيالا من الطلبة و أعدادا من الباحثين ، سيذكرك الشرفاء منهم بكل خير و يرددون أفضالك. رحلت عنا جسدا و ستبقين بحسناتك راسخة في قلوبنا ، و بسماحتك و سخائك منقوشة في ذاكرتنا . ها هم من عرفوك عن قرب و غيرهم فقط سمعوا بالفاجعة يرفعون أيديهم : اللّهم ارحمها و أسكنها فسيح جنانك وآتي أهلها و أحبابها الصبر والسلوان، و أبعد عنا الأشرار ومن لا يخافك.*كاتب جزائري مقيم في باريس | |
|
نصيرة 37 المشرف العام
الهواية : المهنة : المزاج : الدولة : عدد المساهمات : 1077 تاريخ التسجيل : 09/08/2010 العمر : 31
| موضوع: رد: يا راحلة من غير وداع الإثنين يوليو 04, 2011 7:58 pm | |
| | |
|