الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، أما بعد:
فإنها كلمة أوجبها على القلم مقالة بعض المنتسبين إلى العلم والمشتغلين بالدعوة غمطوا بها واحد من أهل الدين ورجال الإسلام، قد غبنوه حقه، فرحم الله أسامة بن لادن وتقبله عنده في الشهداء .
وإن الله تعالى قد تفضل على تلك الأمة، باستخلافها في ما يحبه ويرضاه،فلا ينقطع فضله ولا يتخلف عنها محابه، حتى جعل أحبه إليه من واجب الجهاد ماضيا في تلك الأمة إلى قيام الساعة، «الجهاد ماض في الأمة إلى قيام الساعة». وإن من مزيد فضله على أهل ذلك الزمان أن أشهدهم ذلك، بل عاينوا أعلى صوره، وغاية ما فيه: رجل خرج في سبيل الله بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشئ، فما أجل ذلك في الخبر!! وما أعظم ما تحمل حروفه من المعنى!! فكيف به في المعاينة والشهود؟! وليت شعري كيف تكون حقيقته في الوجود؟!.
ألم يشهد القلب بما آتاه الله من العلم أقداره تعالى في اختياره، وتصريف عطاياه، ألم ير القلب استخلاصا من الله تعالى واصطفاءا لذلك الإنسان، إذ كما أخرجه من متاع الدنيا وزخرفها، فإنه أخرج الدنيا كذلك مما أوتي من المتاع، فلم يعد منها، وما عاد بعد ذلك لها، خرج عن فنائها، وانتقل إلى البقاء. إنه خرج بنفسه وكذلك بماله، أخرجهما الله تعالى، إلى مواقع ألبست أرضُها وعورَتها العيش فيها، لكنها مواضع رايات للقتال، تستدعي كل أيدٍ لترفعها، وترفع معها أوزار القعود، وإثم التخلف عن فرض الجهاد. إنها رايات تشهد بصدق ذلك الخروج، والله تعالى حسيبه.
وفي تلك الوعورة تتعثر الأقدام وكذلك الأفهام ، ولكن إن ذلك لا يعني غفلة عن ذلك الخروج، وما دل عليه من حسن المقصد، وما كان من البلاء في الإسلام. ثم جاءت الخاتمة، وكأنما أتت تنبه من تلك الغفلة، وتشهد كذلك بصدق البلاء، ، فتأمل في ما ختم الله تعالى به ذلك الخروج، إذ استدرج إليه أعداءه - أعداء الدين – ليقتلوه، ويزيدوا في بلائه بالتمثيل به، وكأن فعلتهم استجابة قصده، وتلبية غرضه، وبينة دعواه، ولا يملك ذلك إلا الله تعالى. فرُدَّ آخر الرحلة إلى أولها، ولرُبَّ مبتدأ لا يستبين إلا في منتهاه، وإنما العبرة بالخواتيم.
فليتق الله تعالى أقوام يعلمون الناس منهج السنة وعقيدة السالفين، فإن من أقامه الله على ثغور الإسلام يقاتل الكافرين، ليحرر أرض المسلمين لحري بالولاء والدعاء، حتى ولو كان بقولهم من أهل البدعة والأهواء، بل ويجب القتال معه لمن حضر مشهده، وما أعظمه من مشهد! وإنه لفضل الله يؤتيه من يشاء، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.