السلام عليكم واسعد الله مساءكم
بما ان شهر الفضيل سيزورونا قريبا قررت ان اعطيكم لمحة بسيطة عن فضله
تعريف لشهر رمضان .. بالتفصيل
رمضان ..
لم يكن إلا إسما زمنيا لشهر معروف في السنة القمرية يقع بين شعبان وشوال
ولكن له عند المسلمين إيحاء تهتز له القلوب وتنشرح به الصدور ..
في رمضان كان نداء الحق إلى البشر جميعا
(( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )) ..
في رمضان نزلت ملائكة الله في السابع عشر منه تنصر المسلمين على أعداء الله
(( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين )) ..
في رمضان نزل قول الله إلى سماء الدنيا ليرفع الجهل عن البشر بقوله
(( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) ..
في رمضان رفع الله هذه الأمة إلى مرتبة الوصاية على الأمم
(( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون
الرسول عليكم شهيدا )) ..لمست
فيا أمة رمضان ..
في هذا الشهر كانت منكم أمة أخرجت للناس ..
في هذا الشهر دخلتم التاريخ وعرفتم بين الأمم ..
في هذا الشهر كانت أول مدرسة محمدية تزيل عن عقولكم أدران الأمية ..
في هذا الشهر فتحتم بيت المقدس ، ومصرتم الأمصار ، ودانت لكم الدنيا ..
إن الله اصطفاكم في هذا الشهر لزعامة البشرية .. فيا أمة الصيام واتباع القرآن حرروا
نفوسكم من هوى نفوسكم فإن الله يقول :
(( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ، إن الله لا يهدي القوم الفاسقين )) ..
فهذا شهر ذكريات عزكم .. اختاركم الله له واختاره لكم ، فاعرفوا لله حقه فيه ...
حتى نكون صائمين
من واجبنا أن نتحلى بخلق الصوم وبخلق الإسلام العظيم وأن تتجلى فينا أخلاق
حسن المعاملة ..
فماذا ينفع صيام موظف مهمل أو منافق أو كذاب ؟؟
ماذا ينفع صيام رجل سيئ الخلق مع أهل بيته وولده وجيرانه ؟؟
ماذا ينفع صيام تاجر محتكر وبائع غشاش لا يرحم حاجة الناس ؟؟
ماذا ينفع صيام متخم من الشبع وبجواره من يعاني الحرمان ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : (( والله لا يؤمن من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم به )) ..
من أسرار الصيام
إنه تذكير عملي بحال الفقراء وبؤس البائسين ، ينبع من داخل
الصائم يسمعه في نداء معدته وجفاف حلقه .. فالذي ينبت في أحضان النعمة لا يعرف طعم
جوع الفقراء ، ولكنه حين يعيش تجربتهم عمليا يمكنه أن يعرف حقيقة آلامهم .. فالجوع
ضريبة إجبارية تفرض على الموسر ويؤديها جنبا إلى جنب مع من لا يملك قوت يومه ، حتى
يشعر الغني أن هناك معدات خاوية ، وبطونا خالية ، فيرق قلبه لحال إخوانه في الدين ،
فيعطي المحتاجين ويحسن للمساكين وهذا هو أكمل أشكال التكافل الاجتماعي في الإسلام ..
وقد روي عن يوسف عليه السلام أنه كان يكثر من الصيام وهو القائم على خزائن الأرض ،
تدريبا لنفسه وتعويدا لها على العفة ، وإحساسا بالمسؤولية ، وعندما سئل عن ذلك قال :
(( أخاف إذا شبعت أن أنسى جوع الفقير )) ..
مدرسة الصيام
من بركات الصيام أن فيه تقوية للإرادة .. وتربية على الصبر .. فالصائم يجوع وأمامه
شهي الغذاء .. ويعطش وبين يديه بارد الماء .. ويعف وبجانبه زوجته .. لا رقيب عليه في
ذلك إلا ربه .. ولا سلطان إلا ضميره .. ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية .. فأي مدرسة
تقوم بتربية الإرادة الإنسانية وتعليم الصبر الجميل كمدرسة الصيام التي يفتحها الإسلام إجباريا
للمسلمين خلال شهر رمضان ؟ وتطوعا في غيره ؟؟؟
من هنا فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان من سلطان غرائزه .. وينطلق من سجن جسده ..
ويتغلب على نزعات شهوته .. ويتحكم في مظاهر حيوانيته .. ويتشبه بالملائكة .. فليس
عجيبا أن ترتقي روح الصائم وتقترب من الملأ الأعلى ، وتقرع أبواب السماء بدعائها فتفتح ،
ويدعو الصائم ربه فيستجيب له .. ويناديه فيقول : لبيك عبدي لبيك ..
جائعون صنعوا التاريخ
الصيام عبادة يشعر فيها المؤمن بالصفاء والخفة في الحركة والسمو في
التفكير ، ولست أدري كيف كان أولئك الأبرار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
الذين آمنوا وذاقوا طعم العبادة ، وفي لظى القيظ يحفرون الخنادق حول المدينة ، وقد أضوى
الجوع وجوههم ، حتى أتى رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو له الجوع
ويرفع عن بطنه وعليه حجر من شدة ما يلاقي ، فيرفع له رسول الله عن بطنه
وعليه حجران !!
جياع صنعوا التاريخ وبنوا في العالم روح الحياة ..
ولكن المتخمين الذين تعودوا الترف ولا يطيقون صوم ساعات .. ضيعوا
مجدا ! وهدموا حضارة ! واستسلموا لدنايا الحياة !!!
ما أحوجنا أن نصوم طويلا ، وأن نجوع طويلا ، لنعرف معاني الصبر ، ولنذل الأنفس لله ،
حتى تستقيم على منهجه ، لأنه حينما شبعت بطوننا جمحت نفوسنا ، وعندما أترفت أمتنا نزع
الله هيبتنا من قلوب أعدائنا ..
إن المتخمين لا يعرفون معنى الكرامة .. وإن الجوع وحده هو الذي يحرك الطاقة الكامنة في
الأمة .. فجوعوا تصحوا .. وتعودوا الصبر تفلحوا .. وافهموا معنى الصوم لتدركوا إن المجد
لا ينال إلا بالعناء .. وإن العناء لا بد له من التحمل والجوع ..