المسرح والمسرحية

تمهيد :
الحديث عن المسرح هو حديث عن اخلد الفنون التي صنعها الإنسان، لذلك ظل المسرح علي مر العصور متأثرا بطبيعة الإنسان ومعتقداته، مؤثرا في حياته وهكذا كان الحديث عن المسرح وثيق الصلة بالنفس الإنسانية.

وإذا نظرنا إلي أعماق التاريخ باحثين عن البداية الأولي للمسرح سنجد ظاهرتين تعتبران من التقديمات والتمهيد للفن المسرحي وهي الرقص والطقوس الدينية، فقد كان الرقص هو أقدم الوسائل التعبيرية التي يعبر بها الإنسان ، لذلك كان الرقص يمثل لهما :
الشكل الترفيهي الذي يترجم الانفعالات

الشكل الإعلاني عن وقائع ومشاهد درامية ، ليعبر به إلي الإله عما في نفسه من خشوع وإجلال ويصور فيه قوة الالهه وعظمته. فكان الرقص هو الحركة التعبيرية الأولي له وهذه الحركة تعتبر هي نواة المسرح وبذرته الأولي وهكذا فالرقص يأتي في المرتبة الأولي مباشرة يعد ما تؤديه الشعوب البدائية من الأعمال التي كانت تضمن حاجتهم الضرورية فالرقص من أقدم الوسائل التي يعبرون بها عن انفعالاتهم فكان الخطوة الأولي نحو الفنون بل إن الإنسان الحضاري في الزمن الحديث رغم النواحي والمحظورات وروح التحفظ التي يشب عليها يعبر فيه عن انفعالاته المفرطة بطريقة غريزية والإنسان البدائي رغم وسائله التعبيرية وقلة محصوله من أوليات الكلمات المنطقة فكانت وسيلته الوحيدة في التعبير عن أعمق مشاعره هي الحركة الرئيسية الموزونة فكانت ضربات قلبه ضربات إيقاعية فكان طبيعيا لهذا السبب إن يبتكر الحركة الإيقاعية ليعكس بها ما يخامره من فرح وبهجة .
فكان هذا الإنسان البدائي يرقص بدافع الحيرة ، وحيث إن الرقص يعتبر طقسا دينيا يتحدث إلي الآلهة بلغة الرقص ، ويصلي لهم ويثني عليها بحركاته الراقصة وكما ذكرنا إن الحركة المرسومة الراقصة رغم إنها لم تكن مسرحية أو تمثيلية إلا إنها كانت الانطلاقة الأولي في المسرح.
الدراما التي من هذا القبيل تعتبر الفن الذي يكون فيه الفعل مادة محورية أصيلة لم تنشا من الرقص البدائي فحسب بل حيث يكون ا التزاوج فيما بينها وبين الشعر.فقد كان للطقوس الدينية والدين في كل مكان وزمان تأثيراتها الكبيرة في نشأة المسرح في أحضان الدين في شكل عروضا دينية ولدت ونمت في رحاب المعابد للآلاف السنين . حيث كانت هذه الطقوس تعبر في شكل ون ديني.

لماذا المسرح:؟
المسرح هو النقطة التي تبدأ منها انطلاقة الشرارة نحو الثقافة والتطور في تطوير المجتمعات والوصول بها إلي مستويات أفضل.

وعلي مر العصور والأزمان كان المسرح يخضع للتنوير والتشكيل في شتي أشكاله ابتداء من الخشبة إلي العروض التي تمثل إلي المواقع التي يتم فيها تأدية الأدوار ، فقد تم تقديم الأدب المسرحي في الميادين وخارج المعابد وداخل الكنائس وهكذا فقد مر المسرح بمراحل عدة حتى زمننا هذا .

الدراما ” أي المسرحية “ كما ذكرنا هي إنشاء من الاحتفالات الدينية والأعياد الدنيوية ومن الطقوس والرقصات والأناشيد ومن المواكب التي يقيمها اليونانيون القدامى .

المسرحية : هذا المسرح الجماعي الذي نعيشه منذ الرقص البدائي إلي المسرحية الحديثة والطقوس الدينية إلي التمثيل الدنيوي ، ومن المسرح الفرعوني ، والمأساة اليونانية ، إلي الصور المتحركة كل هذا المظاهر المميزة نسجل منها تعريفات عن المسرح وعن المسرحية الدراما وإذا نظرنا إلي المسارح المختلفة التي تمثل فوقها في حياتنا لأدركنا انه لا يمكن تعريف التعبير بالكلام عن عناصر الفن وطرازه وأشكاله وأحواله وعن مظاهر المسرحية واتجاهاتها إن الفن المسرحي هو الفن الذي نلتقي عنده جميع الفنون حيث لا يوجد بين الفنون فنا استطاع إن يصل موهبة الخلق الفني الغامضة بموهبة المتلقي والاتصال كالمسرح .

فالمسرح ليس وسيلة ترفيهية انه يتخطي دور ذلك لقد مر في فترات عظمته وجاهد كتابه وممثلوه ومخرجوه في اكتشاف نواحي الجمال فيه ، ففن المسرح يعتمد علي حصيلة المعرفة في تحولها العام وعلي قدرة الإنسان في الاستكشاف والتأمل .
المسرح هو احد فروع الفنون بالأداء والتمثيل الذي يجسد ويترجم قصص ونصوص أدبية أما بالحضور وذلك عن طريق الكلام ، الحركة ، الموسيقي ، الصوت ، المسرح هذا الصرح الذي له مواصفات خاصة في التصميم ، فالمسرح أو الفن الدرامي هو تأليف أدبي مكتوب بالنثر أو الشعر بطريقة حوارية .

المسرح ليس لديه فئة أو طبقة، ولكنه يشغل الحياة، المسرح هو النقطة الوحيدة للانتقال إلي الحقيقة, المسرح هو الحياة .
المسرح مع تنوع ألوانه وباختلاف الأنظمة التي تتوحد وتجعل الأشياء حسية ، واقعية في تنفيذ الحدث مسرحيا وتمثيليا ، كلمة مسرح باليونانية الأصل (Theatron ) وهي تعني العرض بواسطة الفنون المقدمة ، تحت الشكل الممثل أو الدرامي : قصص ( دراما ) بمعني الاتيمولوجي (أي متلقي بعلم أصول الكلمات وتاريخها ) للزمن (مقدمة مسرحية تمارس وتعالج أمام الجمهور مستخدمة احدي الترتيبات المتغيرة ، بالكلمة والرقصة بالإيماء ، وحركة الجسد في فضاْء فني وتصويري ، ملحقا بواجهة من ممثل فردي واضحا علي المسرح ، والي جانب المسرح هناك (نثر الكلام حيث الكلمة المكتوبة ، والمفاجأة ، تكون العنصر الأكثر أهمية للمسرح بأشكاله المختلفة : مثل الأوبرا الغنائية ، المسرح الراقص ، مسرح الكابوكي ، الرقصة الكتالي ، الأوبرا الصينية ، مسرح الإمعة ، العرائس ، مسرح البنتومايم ( الإيماءات ) الذي يختلف عن الأخر .

إن الفنون الخاصة لتقديم قصة عن طريق تجارب أو موضوعات مسرحية عن طريق التمثيل والأداء أو الفنون الدرامية فهذه تعرف بكثير من اللغات مثل الفرنسية Jouer وبالانجليزية to play وكثير من الأشخاص يستخدمون كلمة مسرحية أو عرض مسرحي مرادفا لكلمة مسرح ، الا انه هناك فارق كبير بين الكلمتين من حيث الدلالة فالأولي تشير إلي القصة أو النص الأدبي ، الذي يتمثل في المكان المخصص له في المسرح فالمسرحية هي القصة ، أما المسرح فهو المكان الذي تؤدي فيه هذه القصة ببساطة شديدة .

وكما ذكرنا سالفا المسرح يترجم النصوص والقصص بالطرق المذكورة أعلاه ويجب علينا معرفة أهمية النظرية بالأسس. الفكرية الفنية التي قامت عليها مدارس الدراما والإبداع المسرحي وهي مختلفة

هذه المعرفة النظرية هي نفسها التي تتحول في العملية الإبداعية إلي تجليات للإنتاج الفني فهي تقدم محصولا إبداعيا جديدا ينتمي إلي جنس بعينه استعدادا لتكوين جنسا أخر قد يكون تطويرا لأصله الأول وقد يكون مخالفا إلي درجة إن يكون النقيض الكامل لهذا الأصلي .

لقد كان المسرح عند الإغريق مظهرا دينيا وعند الرومان ما يشبه المتعة الرخيصة التي يتف لها الرقيق من اجل الترفيه عن مالكيه وكانت الكنيسة في عهدها الأول شرا ينبغي استئصاله غير انها عادت بعدها بعدة قرون ، تحتضن مسرحيات الاسرا ر والمعجزات وأصبح الجمهور اليوم يسترجع الأعمال الجيدة القديمة .
عند ذكر كلمة ” مسرح نفكر في نوع خاص من الترفيه ، أو في مبني معين معد ومجهز لتقديم هذا النوع من الترفيه ويأمل البعض في قضاء وقت ممتع مع الضحك ، أو قصة شيقة للهروب من مشقة اليوم ،والمسرح ، مثله مثل كافة الفنون ، ترجع نشأته إلي السحر ، أي إلي محاولة التأثير علي الطبيعة بقوة إرادة الإنسان وإحالة الأفكار إلي أشياء .

وفي الازمنةالاولي من المسرح كان كل فرد ممثلا ، ولا تفرقه بين الممثل وبقية القبيلة ، والدنيا هي المسرح وكانت منصة التمثيل مكانا مقدسا وكان الحاضرون نوعين : مؤدين ومريدين وبعد ذلك كانت المنصة هي المسرح، ولا يفصل بين الممثلين والنظارة سوي خليج مجازي معنوي ، يصبح أخيرا خليجا محسوسا ، وأخيرا أصبح يفصل بين الممثل ومشاهديه لاف الأجيال.

وبين بداية المسرح وما انتهي إليه شبه غريب، من حيث إن مكان التمثيل هو الدنيا ،وتطورت الدراما تطورا جبريا في عدة مراحل ويمكن إن يطلق علها التاريخ الطبيعي للدراما ، وهذه المراحل هي : الدراما بوصفها سحرا ، والدراما بوصفها دينا والدراما بوصفها زخرفة ، الدراما بوصفها أدبا ، والدراما بوصفها علما .
وفنون المسرح فنونا متكاملة ، وبالا حري فنون يكمل بعضها بعضا ، وليس منها فن يمكن إن يقوم بنفسه ، بحيث لا تربطه ببقية الفنون المسرحية الاخري رابطة أو وطيدة ، ومن ثم لا بد لمن يدرس احد هذه الفنون ، إن يلم الماما كافيا ببقية الفنون المسرحية الاخري ، فالممثل يجب إن يتعرف بعمق علي تاريخ المسرح .

منذ إن نشا قبل العصور التاريخية حتى اليوم ، تاريخ المسرح يشمل نشأة التمثيل منذ إن كان رقصا بدائيا وإنشادا دينيا ثم تطوره بعد ذلك مع تطور الأغنية الإنشادية الراقصة ومصاحبة الموسيقي ودق الطبول لها ، حتى ظهرت المسرحية ، التي حولت نواة هذه الأغنية التي كان البدائيون يتعبدون بها ، لخالق الكون المحيط بكل شي .
كل نوع من الفنون الأدبية له شكل وبناء والمكونات التي تؤلفه لكي تطلق عليه المصطلح المتعارف عليه ، كما حالة المسرح أو أي شكل من أشكال الفنون التي تقدم ، فهذا البناء يتكون من أشخاص مسئولين عن العمل المسرحي ومن أشياء جادة متمثلة في البناء الهيكلي ، وفي هذه الدراسة سنتعرف علي أنواع الفنون المسرحية وأسلوبها والدراسات حولها منذ أقدم العصور والمراحل المسرحية ، والمذاهب اوالمدارس المسرحية كذلك مكونات المسرح ومكملاته
لا احد يعرف متى كتبت أول مسرحية تحديدا وان كان التاريخ يرجع بتاريخ المسرح إلي عام أربعة ألاف قبل الميلاد. ولا شك إن المسرح يعود إلي ابعد من ذلك ، ولكن البداية الحقيقية التي تعنينا وتحدد نشأة المسرح تحديدا نسبيا هي بداية المسرح في بلاد اليونان خلال القرن الخامس قبل الميلاد ،وإذا وقفنا علي النواة الأولي لبدء فكرة المسرحية أو الدراما هو الرقص فان التاريخ لم يجلب الكثير عن المسارح ذاتها حيث لا نستطيع الاستنتاج الا شيئا قليل حيث كانت تقام الاحتفالا ت في الطرقات وفي الدروب وكان العام يطلق عليهم الجوقة والراقصين من يمكن إن نطلق عليهما الممثلين .

أما عن القصة المسرحية فقد ذكر روبرت اجموند المؤرخ المسرحي وصفا تخيليا لمثل هذه النشأة التلقائية للقصة المسرحية ، حيث قرر إن رقص القنص القائمة علي حادثة قصصية حقيقية ، أو مأثرة من المآثر الباهرة قد نشأت من إعادة سرد قصة هذه الحادثة حول نار المعسكر ولو تصورنا كما كان بجدر في العصر الحجري عصر الكهوف والماموث وتصوير الملمات المائية فوق جدران الكهوف ، وقد أمس الليل وجلس زعماء القبيلة معا وقد قتلوا أسدا ويصور زعيم القبيلة قصصه كيف قتل الأسد ويبدأ في تمثيل المعركة وسط إيقاع الطبول وترديد عبارات التشجيع له ، في هذه اللحظة تولد المسرحية بكل عناصرها المعروفة ألان ، وكانت كلها عفوية ، لذلك لا ننكر علي الإنسان البدائي انه الأب الأول للمسرح .

وكما ذكرنا سالفا إن الدراما اتخذت لنفسها عنصرا جديدا مولدا عن الحركة الراقصة فكانت رقصات الحرب المعبرة عن الانتصار في المعركة والرقصات الغرامية الصامتة فتفاوت بين المشاهد الثنائية الرائعة وبعين الاستعراضات ، وقد مارست جميع القبائل البدائية رقصات الحرب ورقصات الحب وإضافة إلي الرقصات الدينية التي كانت تسود المجتمع الإغريقي .

منقـــــــــــــول

كتبها سعاد خليل

الله يعطيك العافية خوي محمد والله موضوع ثقافي رائع
ومشكور على الامانة العلمية الموجودة عندك

بارك الله فيك أختي ومضة على المرور والردّ القيم ، أتعلمين أختي أن كاتبة الموضوع من ليبيا الشقيقة

مشكور اخي عباس على الموضوع الراقي والتثقيفي

سلامي لك

تحياتي أخي رؤوف جزاك الله خيرا على الاهتمام بالموضوع والرد الرائع